مدخل لدراسة الحضارات القديمة
مدخل لدراسة الحضارات القديمة
أولا :محتوى المقياس
1ـ مفهوم الحضارة: معنى الحضارة - معنى الثقافة– معنى الأويكومين- الاختراعات السابقة للحضارة.
2ـ الإطار الزمني والمكاني لظهور الحضارات.
3ـ حضارات غرب جنوب آسيا ومصر.
4- .فجر التاريخ والاختراعات السابقة للحضارة.
5ـ المصادر المادية والأدبية لدراسة الحضارة: - المصادر المادية. – المصادر الأدبية.
6- .حضارة بلاد الرافدين.
-المراحل الكبرى (سومر-أكاد-بابل -أشور - الدولة الكلدانية)
7 - .مظاهر الحضارة (الدين – نظام الحكم – الاقتصاد)
8- .حضارة فارس وعيلام: - النشأة. – الحياة الدينية. –الحياة السياسية. –الاقتصاد
9- .حضارة سوريا القديمة: الحثيون وشعوب سوريا. –المظهر السياسي. - المظهر الديني. – الحياة الاقتصادية.
10- .التوسع والمواجهة في جنوب غرب آسيا: الحروب الميدية. – النزاع الفارسي-المصري.
11 - .النزاع الفارسي- الإغريقي. – حروب البيلوبونيز.
12- .حضارة مصر الفرعونية. _ النشأة – التطور – الانهيار
13- .نظام الحكم - الدين والكهنوت -الجيش - الاقتصاد
14 - .الحضارة العربية قبل الإسلام
الحياة السياسية: دول الجنوب (معين – قتبان – سبأ – حمير)
15- .دول الشمال (تدمر –المناذرة – الغساسنة) - دول الوسط (كندة – مكة)
المراجع:
- سيف الدين الكاتب وآخرون، أطلس الحضارات القديمة.
- ويل ديورانت، قصة الحضارة، دار الجيل بيروت.
- دياكوف – كوفاليف، الحضارات القديمة،
- طه باقر، مقدمة في تاريخ لحضارات القديمة.
- أندريه ايمار- جانين اوبوايه، تاريخ الحضارات العام.
الدكتور: زايدي عزالدين- تاريخ الحضارات 1- السنة الأولى جدع مشترك علوم إنسانية
توجه هذه التطبيقات لطلبة السنة الأولى جدع مشترك- علوم إنسانية- في مقياس: تاريخ الحضارات1- و الذي تشرف على محاضراته الدكتورة: تيرس سعاد.
امتحان السداسي الاول في مقياس مدخل الى مجتمع المعلومات - السنة الاولى جذع مشترك علوم انسانية 2021 - 2022 للاستاذ عشاش نورين
امتحان السداسي الاول في مقياس مدخل الى مجتمع المعلومات - السنة الاولى جذع مشترك علوم انسانية 2021 - 2022 للاستاذ عشاش نورين
تاريخ الجزائر المعاصر السداسي الأول
محاضرة رقم : 07
السياسة الاستعمارية الفرنسة في الجزائر في عهد الجمهورية الثالثة 1870-1919
المستوى : السنة الأولى جذع مشترك علوم إنسانية السداسي : س 1
الميدان : علوم انسانية
المادة : تاريخ الجزائر المعاصر Iالأستاذ المقدم : د: سحولي بشير/ د : دباب بومدين
مقدمة : أدى تغيير النظام السياسي في فرنسا إلى حدوث تأثيرات على السياسة الفرنسية الاستعمارية في الجزائر فقد ابتهج الكولون (المستوطنون) لسقوط نابليون الثالث وسقوط الإمبراطورية في صائفة 1870، إذ تخلصوا من النظام العسكري، الذي اعتبروه ضد طموحاتهم السياسية والاقتصادية في الجزائر المستعمرة،علما أن الكولون- المستوطنون- فكروا في الانفصال بالمستعمرة عن فرنسا للانفراد بخيراتها ومقدراتها.
التغييرات السياسية وظهور النظام المدني : نجم عن تغيير النظام العسكري في الجزائر والممتد من 1830 الى 1870، عدة تغيرات، كانت كلها تصب في مشروع احتفاظ الأقلية الأوروبية بزمام الأمور، مبعدة في ذلك كل ما يمكنه أن يحقق نوعا من العدالة لصالح الأهالي الجزائريين ( السكان الأصليين)، وكان المستوطنون( الكولون) يعارضون أي مشروع يمكنه أن يبحث في تحقيق الاندماج للشعب والأرض في الجزائر، رغم أن النظام العسكري لم يكن رحيما تجاه الأهالي الجزائريين.
وتشير الكتابات التاريخية أن كره المستوطنين للحكم العسكري اشتد فقط مع مجيئ نابليون الثالثNapoléon III ، الذي حاول أن يحافظ على مكاسب فرنسا في المستعمرة الجزائر من جهة ، ومن جهة أخرى أن يكسب عطف الأهالي الجزائريين بتبني مشروع المملكة العربية. ورغم انهزام فرنسا أمام بروسيا عام 1870 كان ضارا، فإنه كان نافعا بالنسبة للمستوطنين، إذ تغير النظام العسكري واستبدل بالنظام المدني في الجزائر، كما استغل غلاة الاستعمار ثورة المقراني 1871لتوجيه اللوم للنظام العسكري ومؤسساته، وعقب تلك الأحداث دخلت المستعمرة عهدا جديدا سمي عهد الجمهورية الثالثة.
السياسة الاسيطانية : ولتجسيد الحكم المدني صدر مرسوم 29 مارس 1871 جاء فيه ما يلي :
1- تقسيم الجزائر إلى إقليمين : شمالي مدني، وجنوبي عسكري.
2- يحكم الإقليمين حاكم عام مدني، توكل له صلاحيات وسلطات واسعة، ويكون تابعا مباشرة لوزير الداخلية.
3- إنشاء مجالس بلدية وعمالية ومقاطعات
4- يحق للمستوطنين الأوروبيين انتخاب 09 نواب في البرلمان و 03 في مجلس الشيوخ.
5- إنشاء مجالس استشارية للنظر في شؤونهم الداخلية.
سعت الإدارة الاستعمارية في ظل النظام المدني إلى تطبيق سياسة استيطان رسمية، لأجل تحقيق اعمار رسمي في الأرياف والمدن، ، كما توالت التنازلات عن الأراضي الزراعية لصالح المهاجرين، ولتشجيع الاستقرار أقيمت حوالي 197 قرية استيطانية، توافد عليها حوالي 30 ألف نسمة عام 1882. والى جانب الاستيطان الرسمي، فتحت الادارة الاستعمارية الفرنسية باب الاستيطان الحر أمام الفرنسيين والأوروبيين، مشجعة إياهم عن طريق سن قانون وارني Warnier عام 1873( قانون المستوطنين). كما تواصلت عملية الاستيطان الرسمي والحر إلى القرن العشرين، إذ تحصل المستوطنون الأوروبيون على حوالي 427 ألف هكتار مابين 1909 إلى 1917، وبذلك أصبح هؤلاء يستحوذون على حوالي 2123288 من الأراضي الزراعية الخصبة وحوالي 194159 هكتار من الغابات. لقد أثرت تلك السياسة الاستيطانية سلبا على الجزائريين ما بين 1893- 1897- 1919، إذ انتشرت فيهم الأوبئة، الأمراض المعدية والقاتلة.
السياسة القضائية والإجراءات القمعية : عمدت الإدارة الفرنسية إلى فرض تشريعاتها القضائية على الأهالي الجزائريين، حيث شرع الحاكم العام دوقيدون De gueydon مابين 1871 إلى 1873 في التضييق على المؤسسات الإسلامية ، فأصدر مرسوم 10 سبتمبر 1886، انتزع من القضاة المسلمين في الجزائر صلاحية النظر في جميع القضايا العقارية، فخفض عدد محاكم القضاء الشرعي من 184 إلى 61 عام 1890. وكذا قانون الأهالي (قانون الأنديجينا) الصادر في 28 جوان1881، الذي يعامل الجزائريين كرعايا لا كمواطنين،. كما أصدر قانون كريميو في 24 أكتوبر 1870، حصل بموجبه اليهود على الجنسية الفرنسية، مما جعل وضعهم في الجزائر أحسن من الأهالي الجزائريين. كما أصدر قانون أخر كان وقعه على الجزائريين جد سلبي، تمثل في قانون الغابات الصادر عام 1903، إلى جانب القوانين الزجرية منها التي فرضت عقوبات قاسية، وقرار إنشاء المحاكم الرادعة فقط 1902، ومرسوم جونارJonnart 1906 .
السياسة الدينية : تؤكد أحد الدراسات التاريخية، أن السياسة الدينية للجمهورية الثالثة، تميزت بفسح المجال الكنيسة لأجل تنصير الأهالي الجزائريين، حيث عرفت الحركة التبشيرية تسهيلات، وشهدت انطلاقة كبيرة في بلاد القبائل من خلال نشاط الاباء البيض Les pères Blancs والراهبات Les sœurs، ونفس الشيء عرفته المدن الصحراوية كميزاب، الأغواط، ورقلة، بسكرة والبيض وغيرها من المدن الجزائرية. وكان الحاكم العام الفرنسي دوقايدون De geydon 1871- 1873، من الذين قدموا دعما كبيرا للكاردينال لافيجري Lavigerie زعيم الحركة التبشيرية المسيحية في الجزائر.
ولعل ما اعتمده الدكتور وارني (أحد المنظرين للسياسة الفرنسية في الجزائر)، دليل على المشروع المسيحي المبطن في السياسة الفرنسية في منطقة القبائل بشكل خاص والجزائر بشكل عام، حتى لو كانت في ظاهرها إنسانية، والمتمثلة في تقديم المساعدات الطبية ورعاية الأيتام في الملاجئ.
السياسة التعليمية : اعتبرت الإدارة الفرنسية في عهد الجمهورية الثالثة التعليم وسيلة لتحقيق الاحتلال الشامل، القائم على الهيمنة على الجانب الفكري والذهني للأهالي الجزائريين، من خلال تلقينهم تعليما يخدم مصالح فرنسا، ولأجل تلك المهمة أشار المنظرون في كتاباتهم، بأن تتبنى السلطات الفرنسية تعليما، ينتهي إلى تشكيل نخبة متشبعة بالثقافة الفرنسية الغربية. وكانت البرامج التعليمية ذات طابع فرنسي في الشكل والمضمون، هدفها العام غرس فكرة القومية الفرنسية لدى الأهالي (الجزائريين) بتلقينهم دروسا في التاريخ، وتشير إلى عظمة فرنسا مع تجاهلهم الكلي لتاريخ الجزائر، فيما يتعلق بالفتوحات الإسلامية، والتركيز على الفترة الرومانية، وأهملت التدريس اللغة العربية. وصارت المدرسة في عهد جول فيري Jules Ferry، حصان المعركة للعملية الاستيطانية، وفي 07 جوان 1910، أكد جونارJonnart للمجلس الأعلى للمستعمرة الجزائر، أن المدرسة الابتدائية التي هي حجر الزاوية للجمهورية الثالثة، صارت في الجزائر أساس الهيمنة الفرنسية.
السياسة الضريبية : فرضت السلطات الاستعمارية في عهد الحكم المدني سياسة ضريبية قاسية، إذ طبق نظام ضريبي غير عادل على الأهالي الجزائريين عكس العنصر الأوروبي ( المستوطنين)، فقد كان المستوطنون يدفعون أقل ما يدفعه الأهالي الجزائريون. ولما حقق الكولون الحكم الذاتي المالي بموجب قرار 19 ديسمبر1900، هذا القرار الذي تحقق بموجب وعد أعلنه الحاكم العام لافاريير Laferiere، في 25 أوت 1898، استجابته لمطالب وضغوط المستوطنين ( المعمرين)، فأعطيت لهم سلطة كاملة في الإشراف على المداخيل والمصاريف المتعلقة بالميزانية الجزائرية، وجعل منهم – المستوطنين- سادة البلاد الحقيقيين.
خاتمة: عرفت الجزائر أرضا وشعب خلال عهد الجمهورية الثالثة 1870/1919، أحلك الظروف بسبب سيطرة فئة المستوطنين على المستعمرة، رغم ادعاء السلطات الاستعمارية لتحقيق الإدماج، إذ وقف غلاة الاستعمار كحاجز أمام حصول الأهالي على أدنى الحقوق، فأكثروا القوانين والقرارات القمعية، فكان الجزائري رعية لا مواطن يفتقد الحقوق وعليه الوجبات، رغم مساعي بعض الفئات الفرنسية والجزائرية ( من النخبة الجزائرية) 1898- 1939، كمحاولة منهم للمطالبة بالحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
تاريخ الجزائر المعاصر السداسي الأول
محاضرة رقم : 06
السياسة الاستعمارية الفرنسية في عهد الجمهورية الثانية
والحكم الإمبراطوري 1830-1870
المستوى : السنة الأولى جذع مشترك علوم إنسانية السداسي : س 1
الميدان : علوم انسانية
المادة : تاريخ الجزائر المعاصر Iالأستاذ المقدم : د: سحولي بشير/ د : دباب بومدين
مقدمة : أدى سقوط النظام السياسي في الجزائر 1830 أمام القوات الفرنسية بقيادة الجنرال الفرنسي دو بورمون De Bourmont إلى تحويلها إلى أرض محتلة، وأخضعت الجزائر للنظام العسكري التابع لوزارة الحربية بفرنسا، وبذلك القرار أصبحت مستعمرة تحت سلطة الاحتلال الفرنسي.
السياسة الاستيطانية في الجزائر : تردد الفرنسيون في إتباع سياسة الاحتلال الكامل والإدارة المباشرة أو تبني سياسة محدودة، إلا أن الكلمة أصبحت للذين كانوا من أنصار الاحتلال الكامل، وقد أصدر قرار 08 سبتمبر1830، يقضي بالاستيلاء على أملاك الدولة التركية، وبعد التقرير النهائي المقدم من طرف اللجنة الافريقية 1833، اصدر مرسوما في 22 جويلية 1834، يقضي بإلحاقها بفرنسا، ولما عين الجنرال كلوزيل Clauzel حاكما عسكريا على الجزائر عمد إلى تطبيق سياسة الاستيطان الحر، وتوافد عدد كبير من المهاجرين من مختلف مناطق أوروبا( فرنسا- اسبانيا- ايطاليا- مالطا- جزرالبيليار- سويسرا)واستحوذوا على أخصب الترب والأراضي خاصة منطقة المتيجة. ولتشجيع استقرار الأوروبيين أنشأ كلوزيل، مركز تجمع سكاني (قرية بوفاريك).
وتمكن المارشال بيجو في الفترة الممتدة من 1842 الى 1845 من إنشاء حوالي 35 قرية استيطانية، ولم يدخر جهدا لجلب المهاجرين لأجل الاستقرار، فأصدر قرار في عام 1845، يقضي بالاستيلاء على أراضي القبائل التي تدعم مقاومة الأمير عبد القادر، ثم قرار 1846 لمصادرة أراضي الأملاك المشاعة ( الذين لم يثبتوا ملكيتها قبل 1830)، وبفعل تلك السياسة القمعية، استحوذ المهاجرون الذين بلغ عددهم 46180 على أجود الأراضي ليصل عددهم حوالي 102400 عام 1846 وحوالي 109400عام 1847.
ولما سقطت ملكية لويس فيليب Louis Philippe، وقامت الجمهورية الثانية عام 1848، أصدر قرار في مارس 1848 اعتبر الجزائر جزءا من التراب الفرنسي، وقسمت إلى منطقتين أساسيتين : 1- الجزائر الشمالية، خاضعة للحكم المدني، وقسمت إلى ثلاث مقاطعات ( قسنطينة- الجزائر- وهران). 2 - الجزائر الجنوبية، خاضعة للحكم العسكري وضباط المكاتب العربية. وألحق التعليم العام والدين والقضاء، والجمارك بباريس.
وفي عهد الحكم الإمبراطوري ( نابليون الثالث) 1852/ 1870 تواصلت سياسة تشجيع الاستيطان الأوروبي في الجزائر، واستمرت سياسة التنازلات عن الأراضي في عهد الحاكم العام راندون Randon 1852/ 1858، وشهدت فترة حكم بيليسي Pelissier ومكماهونMac Mahon ، تزايد في الاهتمام بالحركة الاستيطانية، رغم المعارضة التي تظاهر بها نابليون الثالث في أعقاب الزيارتين للجزائر عام 1863 و 1865، وعبر عن ذلك في رسالته إلى الحاكم العام العسكري مكماهون في 20 جوان 1865، إلا أن ذلك لم يتحقق منه شيء، حيث استمر ضغط المستوطنين على الإدارة الاستعمارية.
السياسة العقارية والادارية : شرعت سلطات الاحتلال العسكرية الفرنسية في الجزائر، تطبيق سياسة تهدف إلى دمجها أرضا وشعبا، وحتى يتحقق لها ذلك، أصدرت مجموعة من القوانين والقرارات.
أ- السياسة العقارية : بسقوط الجزائر قي قبضة الاحتلال الفرنسي، شرع هذا الأخير في تطبيق سياسة عقارية للاستحواذ على الممتلكات، فمنذ عهد الجنرال كلوزيل وقع الاستيلاء على الأملاك العقارية التابعة للوقف، وأصدرت العديد من القوانين : ففي 08 سبتمبر 1830 أصدر قرار تم بموجبه الاستيلاء على الأوقاف الإسلامية في جميع جهات البلاد ، وفي 07 ديسمبر 1830، أعطت لنفسها الحق في التصرف في الأوقاف، كما اصدر عام 1846 قرارا نص على مصادرة الأملاك المشاعة ( الأملاك التي لم تبت ملكيتها قبل 1830) وفي عام 1848 أصدر قرار يجعل كل الأوقاف الدينية وغيرها من العقارات ضمن أملاك الدولة.
- سناتوس كونسلت ( القانون المشيخي ) 22 افريل 1863: أصدرت الإدارة الفرنسية مجموعة من القوانين العقارية لأجل تثبيت الاستعمار في الجزائر، منها قرار مجلس الشيوخ( المسمى بقانون سناتوس كونسلت) تضمن سبع مواد، يسعى إلى تقسيم أراضي القبائل ( أراضي العرش) والـتأسيس للملكية الفردية.
وفي سياق تطبيق سياسة الإدماج للجزائريين أصدر قانون كونسلت ( قانون مشيخي) في 14 جويلية 1865، حيث ثبت هذا القانون الوضع القانوني للمسلمين الجزائريين ( الأهلي المسلم الفرنسي) الذي يبقى محكوما بالقانون الإسلامي، ويستطيع بطلب منه أن يقبل بالتمتع بحقوق المواطن الفرنسي مع خضوعه للقوانين المدنية والسياسية الفرنسية ( الحق في التجنس مقابل التخلي عن قانون الأحوال الشخصية الإسلامية).وقد أعرب عامة الشعب الجزائري عن معارضته لقانون التجنيس، واعتبروه أمرا مخالفا للشرع الإسلامي.
إنشاء المكاتب الإدارية: عمد قادة الاحتلال الفرنسي في إدارة الجزائر، بتطبيق سياسة إدارية سميت السياسة العربية ( أسلوب إدارة شؤون الأهالي) وأنشئوا هيئة شؤون الأهالي تحت تصرف ديوان الحاكم منذ 1830 وبداية من 1832 شرعت السلطة العسكرية في إقامة المكتب العربي، لإدارة شؤون الأهالي، ولما حل المارشال بيجو Bugeaud بالجزائر، حاول اعتماد سياسة سابقه كلوزيلClauzel وأنشأ ما عرف بالمكاتب العربية في فيفري 1844، وكانت مهمتها إدارة شؤون الأهالي في جمع الضرائب، والمعلومات، ومراقبة تحركات الأشخاص وكذلك القبائل المعارضة للوجود الفرنسي، وقد ساهم هذا الجهاز الإداري بشكل كبير في توطين الاستعمار في الجزائر.
السياسة التعليمية : منذ بداية الاحتلال اهتمت الإدارة الفرنسية بمسألة التعليم، وكان هدف المدرسة تمكين الأهالي الجزائريين من تعلم اللغة الفرنسية. وتشير المصادر التاريخية، أن إدارة الاستعمار أدركت أهمية نشر اللغة الفرنسية في وسط المجتمع الجزائري، لأنها الوسيلة المثلى لتحقيق ذلك الهدف، وارتكزت السياسة التعليمية في عهد الجمهورية الثانية والعهد الإمبراطوري على النقاط التالية : ( - إهمال التعليم العربي الإسلامي، وعدم رد الأوقاف إليه، رغم مقاطعة السكان للمدرسة الفرنسية – إنشاء تعليم مزدوج خاص بالجزائريين، تدرس فيه اللغة العربية على أن تكون فيه اللغة الفرنسية وعلومها هي السيدة – ترك التعليم في الزوايا على ما هو عليه مع مراقبة برنامجه ومعلميه حتى لا تكون الزوايا مراكز لمعاداة الفرنسيين )
السياسة الدينية : رغم ما نصت عليه اتفاقية الاستسلام المبرمة بين الداي حسين والجنرال دوبورمون De Bourmont، باحترام الدين الإسلامي في الجزائر، إلا أنه بمجرد أن خلت الساحة أمام الإدارة الاستعمارية، نقضت العهد وبدأت في تطبيق سياسة معادية للإسلام، واستغل رجال الدين المسيحيون الظروف لمباشرة سياستهم التنصيرية (التمسيحية)، حتى أن بعضهم اعتبر تلك المهمة مهمة إلاهية، لاستعادة أرض كانت من ذي قبل مسيحية.
وتذكر أحد الكتابات التاريخية، أن المارشال بيجو Bugeaud، قال لأحد الأساقفة في أحد ملاجئ الأيتام (يا أبت حاول أن تجعلهم مسيحيين، فإذا فعلت فلن يعودوا إلى دينهم ليطلقوا علينا النار) وقال أيضا عام 1844 علينا جلب قلوب العرب بعد أن أخضعناهم بقوة السلاح ) وقال ضابط آخر : ( يعتبر تنصير الجزائر والمسلمين وسيلة لتثبيت القوة الفرنسية في الجزائر)، ولما دعا نابليون الثالث Napoléon III إلى فكرة المملكة العربية، وجد معارضة من طرف أحد الأساقفة في الجزائر.
خاتمة : بعد شرعنة الاحتلال الفرنسي في الجزائر، اعتمدت الإدارة الاستعمارية في عهد الجمهورية الثانية والنظام الإمبراطوري سياسة استيطانية ترتب عنها القمع السياسي والإداري والاقتصادي والاجتماعي والديني للشعب الجزائري، رغم تظاهر نابليون الثالث بإصلاحات سياسية، وترديده لفكرة المملكة العربية في الجزائر.
تاريخ الجزائر المعاصر السداسي الأول
محاضرة رقم : 04
مقاومة الأمير عبد القادر 1830-1847
المستوى : السنة الأولى جذع مشترك علوم إنسانية السداسي : س 1
الميدان : علوم إنسانية ج
المادة : تاريخ الجزائر المعاصر I
الأستاذ المقدم : د: سحولي بشير/ د : دباب بومدين
مقدمة : بعد احتلال القوات الفرنسية مدينة الجزائر، شرع قادة الحملة العسكرية في التوسع على حساب المناطق المجاورة من الوسط، إلى الشرق والغرب. وقد امتدت أنظار تلك القيادات إلى بايلك الغرب ( اقليم وهران)، وأمام تلك الأطماع التوسعية الفرنسية، اندلعت مقاومة شعبية قادها شيخ الطريقة القادرية محي الدين من 1830 إلى 1832، وبعده ٌتولى ابنه عبد القادر قيادة المقاومة التي دامت من 1832 إلى 1847.
أوضاع اقليم وهران قبل المقاومة : قام قائد الحملة الفرنسية على الجزائر الجنرال دوبورمونDe Bourmont، بتوجيه الحملة عسكرية الأولى باتجاه الأقاليم الغربية للجزائر، مدينة وهران ويذكر أن فرنسا أدركت أهمية هذا الإقليم الغربي، فاحتلت مرسى الكبير وحصون مدينة وهران، لكن قوات العدو الفرنسية انسحبت بعد مقتل أميدي، وهزيمة الحامية الفرنسية في وهران. ثم جاءت الحملة العسكرية الثانية بقيادة كلوزيل Clauzel في جانفي 1831، وانتهت باحتلال المرسى الكبير وحصون مدينة وهران. وتشير المصادر التاريخية، أن باي وهران حسن بن موسى أرسل إلى محي الدين، يطلب حمايته قبل استسلامه للفرنسيين، فتدارست عائلة محي الدين الطلب وكادت أن تقبله، ولكن عبد القادر رفض. وكان باي وهران على علاقة سيئة مع سكان هذا الإقليم، خاصة زعماء الزوايا والطرق الصوفية.
وقد تسبب خروج الباي من إقليم وهران في حدوث فراغ سياسي، فشعر أعيان الإقليم من أشراف ورجال الزوايا بالخطر، فقاموا بمراسلة سلطان فاس (المغرب) عبد الرحمن معلنين بيعته، فاستجاب لهم مرسلا ممثلا عنه، ونظرا للضغط الفرنسي على سلطان فاس، أمر ممثله بالانسحاب من معسكر. كما حاول الجنرال كلوزيل Clauzelاستمالة باي تونس لتسلم السلطة في وهران ، فقبل العرض وأرسل ممثلا له، إلا أن سكان الإقليم رفضوه، لأن تونس لم تأتي إلى المنطقة مجاهدة، وإنما لتكرس الوجود الفرنسي.
اندلاع المقاومة : أدى خروج الباي حسن بن موسى عن إقليم وهران في انتشار الفوضى، وخروج الأهالي منها نحو المناطق المجاورة خوفا من انعدام الأمن، وأمام ذلك الوضع تجمع المقاومون حول شيخ الزاوية القادرية محي الدين بن مصطفى، وشنوا حصارا على مدينة وهران. ولما كان محي الدين يقود المقاومة في الغرب، عرض عليه شيوخ القبائل وأعيانها البيعة مرات عديدة بين 1830/1832
مبايعة الأمير عبد القادر على الإمارة وقيادة الجهاد : بعد أن أشتد الوضع على الأهالي دعوا محي الدين بن مصطفى، أن يكون سلطانا عليهم، فدعا أعيان القبائل في الإقليم إلى الاجتماع، وقال لهم : (إنكم جميعا تعرفون أنني رجل سلام مكرس نفسي لعبادة الله- شيخ الزاوية القادرية- وأن الحكم يقتضي القوة (...) ولكن ما دمتم تصرون على أن أكون سلطانكم فإني أقبل، ولكني أتنازل عن ذلك لصالح ابني عبد القادر) وكان رد عبد القادر ( إن من واجبي طاعة أوامر والدي) وكان عمره لا يتجاوز 25 سنة، وتمت بيعته أميرا وقائدا للجهاد ضد قوات الاحتلال في 22 نوفمبر 1832، وبعدها ارتفعت أصوات الجماهير ( حياتنا وأملاكنا وكل ما عندنا له، لن نطيع قانونا غير سلطاننا عبد القادر). وتشير المصادر التاريخية، أن مبايعة عبد القادر أميرا وقائدا للجهاد في إقليم وهران، قد قابلها بعض ضعفاء النفوس بنوع من الامتعاض وعدم الرضا.
من هو الأمير عبد القادر؟ : هو عبد القادر بن محي الدين بن مصطفى الحسيني الملقب بناصر الدين، يعود في نسبه الشريف إلى الحسين بن على وفاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم، ولد في 1807، بقرية القيطنة بغريس ( معسكر)، حفظ القرآن وتعلم أصول الفقه وعلوم الشريعة على يد والده محي الدين شيخ الزاوية القادرية في معسكر، كما درس على يد بعض مشاييخ الزاوية. رافق والده إلى البقاع المقدسة لأداء فريضة الحج عام 1825، وبعده ذهبا إلى دمشق أين جالسا العلماء والفقهاء لمدة زادت عن ثلاثة أشهر، ثم انتقلا إلى العراق ( بغداد)، لزيارة قبر الولي الصالح عبد القادر الجيلاني، وفي عام 1828 عادا إلى الجزائر، بعد غيبة دامت سنتين، وتزامنت عودتهما مع اشتداد الأزمة بين الجزائر وفرنسا.
حرب الأمير عبد القادر ضد فرنسا : ، ويمكن تقسيمها إلى المراحل التالية:
أ- المرحلة الأولى 1832- 1837: لم يمض على حكمه سنتان 1832، حتى استولى على ثلاث مدن رئيسية هي : تلمسان، المدية، ومليانة، كما شدد الحصارعلى وهران ومستغانم وآرزيو، اللتان استولى عليهما ديمشال Desmichels حاكم وهران، فأرغمه على الدخول معه في مفاوضات انتهت بعقد معاهدة ديمشال Desmichels 26 فيفري 1834، اعترفت فرنسا للأمير عبد القادر بمقاطعة وهران ما عدا مدينة وهران ومستغانم والجزائر، وسمحت له باستيراد السلاح من أي جهة أراد، وأن يعين معتمدين(قناصل) في وهران، الجزائر، ومستغانم وغيرها. بعد المعاهدة ازدادت رقعة دولة الأمير، فتوجه إلى ترتيب وبناء وتنظيم دولته، وأقام المصانع لصناعة الذخيرة والأسلحة في كل من المدية و معسكر ومليانة وتلمسان، كما قسم رقعة ملكه الجغرافية إلى ثماني مقاطعات أو أقاليم، ويرأس كل إقليم خليفة يعينه الأمير، وقسم المقاطعة إلى دوائر، يحكم الواحدة منها آغا، وتظم الدائرة مجموعة من القبائل وعلى رأس كل قبيلة قائد، وتتفرع القبيلة إلى عشائر، وكل عشيرة يحكمها شيخ. ومن خلفاء الأمير ( مصطفى بن التهامي خليفة معسكر، محمد البوحميدي خليفة تلمسان، محمد بن علال خليفة مليانة، محمد بن عيسى البركاني خليفة المدية، أحمد الطيب بن سالم خليفة برج حمزة)،
ورغم ما أقرته معاهدة ديمشال Desmichels، من التزامات فرنسية تجاه الأمير عبد القادر، إلا أن بعضهم، سعى إلى نقض ما جاء في تلك المعاهدة، حيث بمجرد عزل الحكومة الفرنسية لديمشال وتعينها لتريزال قائدا على وهران في 07 فيفري 1835، الذي كان من المعارضين للمعاهدة. مما أدى إلى تجدد المواجهة في معركة مذلة وهي معركة المقطع 28 جوان 1835، شرق آرزيو، انتصر فيها الأمير، وأدت الهزيمة الى عزل تريزال Trézel، وقد حقق الأمير انتصارات عسكرية منها ما حصل في معركة وادي تافنة شهورا بعد معركة المقطع،، وكان من ثمار تلك الانتصار العسكرية، أن جر الأمير القائد العسكري بيجو Bugeaud إلى المفاوضات التي انتهت بإبرام معاهدة تافنة 20 ماي 1837، وبموجبها حصل الأميرعبد القادر على( رشقون وتلمسان وبايلك الغرب كله ما عدا وهران وآرزيو ومستغانم ومزغران)
ب- المرحلة الثانية 1837 – 1839 : لقد كانت معاهدة تافنة، انتصار ثمينا للأمير عبد القادر، إذ حقق السلام الذي كان يبحث عنه، واعترفت فرنسا بسلطته وسيادته على معظم القطر الجزائري (إقليم وهران والتيطري، ومكنت في ذات الوقت الأمير من تنظيم دولته ( تلمسان – معسكر- برج حمزة) وكذلك المدن التي كانت تحت سلطته (المدية – تاكدامت ) وضم أيضا مناطق أخرى من الشرق وغرب الصحراء، مجانة، سطيف والأغواط وبسكرة. وتشير الكتابات التاريخية، أن المعاهدة المبرمة، جعلت الأمير القوة الوحيد التي يتعامل معها العدو في الجزائر، بينما في ذات الوقت اعتبرها أحمد باي عملا عدائيا ( حيث ستتفرغ قوات العدو للمقاومة في الشرق وتعيد حملتها الثانية على قسنطينة) بمعنى أن تلك المعاهدة المبرمة ما هي إلا خطة وإستراتجية عسكرية، اعتمدها الفرنسيون.
ج- المرحلة الثالثة 1841- 1847 : ولما تولى المارشال بيجو Bugeaud، منصب الحاكم العام في الجزائر من 1841 الى 1847، اشتدت المواجهة والضغط على الأمير عبد القادر، حيث ارتكزت سياسة بيجو على ما يلي: (- توطيد الاستعمار الفرنسي في الجزائر- القضاء على كل مقاومة باستعمار جميع الوسائل، وقد استولى بيجو على المدن التي كانت تحت حكم الأمير عبد القادر ( تلمسان، المدية وتاكدامت، سعيدة). وتواصلت هجومات بيجو فاحتل تلمسان في 01 فيفري 1842. ونظرا لما كانت تتعرض له القبائل الموالية للمقاومة، اضطر الأمير إلى تطويرالزمالة، التي أصبحت عاصمة متنقلة، وقد أغار القائد دومال Daumaleعليها في 16 ماي 1843. وللتخفيف من حدة الخناق التجأ الأمير إلى حدود المغرب لشن هجوماته . وبالموازاة ظلت القوات الفرنسية ترتكب الجرائم مثل جريمة غار الفراشيش بالظهرة، ضد أولاد رياح، ارتكبها السفاح بيليسيه Pélissier، ما بين 18 و20 جوان 1845. وقد عرفت مقاومة الأمير عبد القادر مابين 1845 إلى 1847 ظروفا صعبة ميزها الضغط العسكري من جنرالات فرنسا (لاموريسيارLamouricière، بيدوBedeau والكولونيل مونتبان Montauban) في الحدود الغربية، والملاحقة و الخيانة. وأمام تلك الظروف طلب الأمير الأمان من الجنرال. لاموريسيار ، وأوقف الأمير عبد القادر المقاومة في 23 ديسمبر 1847، وبعده نقل الأمير إلى الغزوات ثم إلى فرنسا الى ميناء طولون Toulon، ومنه إلى حصن لامالق Fort de la malgue، ثم قصر بو Château de Pau، ثم قصر أمبواز Château d’Amboise، وطيلة هذه المدة كان الأمير أسيرا، ولم يسمح له بمغادرة فرنسا إلا في عام 1852 متوجها إلى دمشق ( سورية) أين بقي حتى وفاته في 26 ماي 1883
خاتمة : استطاع الأمير عبد القادر من الفترة الممتدة بين 1832/ 1847 قيادة أقوى مقاومة في الجزائر، كبد خلالها الاحتلال الفرنسي خسائر كبيرة ، وحقق انتصارات في العديد من المعارك ، شهد له بها الأعداء، وأرغم قيادة الاحتلال على إبرام معاهدات معه ، كما تمكن الأمير عبد القادر من بناء دولة حديثة بأجهزتها السياسية والقضائية والعسكرية، وما استسلامه إلا نتيجة تخاذل أبناء جلدته من قيادات القبائل والاعراش والجيران، الذين رضوا بالركون والخضوع لفرنسا.
تاريخ الجزائر المعاصر السداسي الأول
محاضرة رقم : 05
مقاومة الحاج أحمد باي بقسنطينة ( 1830-1848)
المستوى : السنة الأولى جذع مشترك علوم إنسانية السداسي : س 1
الميدان : علوم انسانية
المادة : تاريخ الجزائر المعاصر Iالأستاذ المقدم : د: سحولي بشير/ د : دباب بومدين
مقدمة : كان لسقوط الجزائر في قبضة الاحتلال الفرنسي في 05 جويلية 1830، أثره في اندلاع مقاومات شعبية في جهات الجزائر المختلفة، وتعد مقاومة أحد باي في بايلك الشرق الجزائري ( قسنطينة) من أكبر المقاومة التي عرفتها الجزائر من 1830 الى 1848والتي تزامنت مع مقاومة الأمير عبد القادر في بايلك الغرب وهران.
مقاومة أحمد باي إثر احتلال الجزائر العاصمة :
كان الحاج أحمد باي من الأوائل الذين قاوموا الاستعمار الفرنسي ، وقد شارك أحمد باي في المعارك الأولى في سيدي فرج و اسطاوالي ، هذه الأخيرة فقد فيها 200 من رجاله . و بعد استيلاء الفرنسيين على قلعة مولاي حسن انسحب الحاج أحمد إلى وادي القلعة ثم إلى عين الرباط ( مصطفى باشا الآن ) شرق العاصمة ، ثم تابع طريقه شرقا في اتجاه قسنطينة ، بينما انضم إليه أكثر من 1600 شخص من الأهالي الفارين من الجيش الفرنسي . وقد تلقى احمد باي رسالة من قائد الحملة الفرنسية الجنرال دي بورمون يطلب فيها منه أن يوقع على معاهدة الاستسلام و يعرض عليه اعتراف فرنسا به باي على قسنطينة .
بداية مقاومة أحمد باي في بايلك الشرق ( قسنطينة) :
عندما استقر أحمد باي في مدينة قسنطينة اجتمع بأعضاء الديوان و تباحث معهم في المسألة المتعلقة بعرض دي بورمون ، فكان رد الجميع الرفض لأن قسنطينة تابعة لباشا الجزائر و تمتثل لأوامره، وعلى صعيد آخر شرع أحمد باي في التخلص من الجنود الإنكشاريين و تعويضها بعناصر جزائرية . وعمل على تحصين عاصمته قسنطينة ، ثم قام ببناء ثكنات جديدة مستوعبا بها جنودا من الوطنيين الجزائريين .
مراحل مقاومته :
المرحلة الأولى : 1830 -1837 : يمكن تلخيص أهم الأحداث المرتبطة بهذه المرحلة فيما يلي :
محاولات أحمد باي العديدة لإقناع السلطان العثماني بالاعتراف به واليا على الجزائر ، و إمداده بمساعدات عسكرية يستعين بها على قتال الفرنسيين ، لكنه لم يحظ منه سوى بوعود و تشجيعات ، بسبب الضغوط التي مارستها فرنسا على السلطان العثماني.
وتشير الدراسات التاريخية أن الحاج أحمد باي أرسل العديد من الرسائل الى السلطان العثماني يطلب فيها على طلب المساعدة المادية ، مؤكدا على أنه مستعد للتضحية من أجل الدين.
يذكر بعض المؤرخين أن أحمد باي عندما انتصر على القوات الفرنسية سنة 1836 بعث برسالة و يطلب فيها المساعدة ، فلبى السلطان هذه المرة نداءه و أرسل له سنة 1837 عن طريق تونس أربع سفن حربية محملة بالجنود الأتراك و المدفعية ، لكن باي تونس خوفا من فرنسا لم يسمح إلا بنزول المدافع و لم يسلمها لأحمد باي.
حاولت فرنسا القضاء على مقاومة الحاج أحمد باي ، فسعت إلى التفاوض معه عدة مرات ، لكن محاولاتها باءت بالفشل ، حيث كان أحمد باي يصر دائما على موقفه الرافض توقيع أي معاهدة استسلام مع العدو.
كما كانت محاولات أخرى من الجنرال كلوزال Clauzel الذي بعث له برسالة يطلب فيها منه تعيينه بايا على قسنطينة باسم ملك الفرنسيين شريطة أن يدفع الجزية ( اللازمة ) لفرنسا ، و لكن الحاج أحمد باي ، فكان رده الرفض القاطع.
و لما قدم الدوق دي روفيقو De Rovego إلى الجزائر لتولي منصب الحاكم العام في 17 ديسمبر 1831 سعى هو الآخر للتفاوض مع أحمد باي والاستسلام لفرنسا، إلا أن تلك المفاوضات باءت بالفشل
كما جرت مفاوضات أخرى مع القائد الفرنسي الجنرال دامريمون Damermont عبر وسيطين يهوديين ، وقد رفض المقترحات الفرنسية التي تتمثل في دفع مليونيين من الفرنكات ضريبة الحرب و إقامة حامية فرنسية في قصبة قسنطينة ، في مقابل أن تعترف به فرنسا بايا على الاقليم .
الغزو الفرنسي الأول لقسنطينة 1836 :
عندما تمكنت فرنسا من احتلال ميناء عنابة ، بدأت تهدد أحمد باي بالإطاحة به ، وبعده قررت أن تستولي على عاصمته و تضع حدا لمقاومته، فجهزت حملة قوامها نحو 8700 رجل ، خرجت من عنابة يوم 8 نوفمبر 1836 بقيادة كلوزيل .ووصلت الحملة الفرنسية الى قسنطينة يوم 21 نوفمبر 1836 وضربت القوات الفرنسية عليها حصارا دام ثلاثة أيام ( 21-22-23 نوفمبر ) ، و في اليوم التالي رفع الغزاة حصارهم بعدما تكبدوا خسائر جسيمة و انسحبوا الى عنابة منهزمين. و قد دفعت تلك الهزيمة الحكومة الفرنسية إلى عزل كلوزيل من منصبه في 13 جانفي 1837 ، و تعيين الجنرال دامريمون Damrémont خلفا له ، و اعداد حملة غزو ثانية.
الغزو الثاني لقسنطينة 1837 :
بعد إبرام الفرنسيين معاهدة التافنة مع الأمير عبد القادر ، تفرغوا مجددا لقتال أحمد باي ، فسيروا حملة كبيرة إلى قسنطينة بقيادة الحاكم العام دامريمون ضمت 20.400 رجل ، و مدفعية قوية بقيادة الجنرال فالي ( Valée ) ، و فرقة هندسة عالية التجهيز . وقد وصلت الحملة الفرنسية إلى قسنطينة يوم 5 أكتوبر 1837 و حاصرتها ، و أمطرت القوات أسوار المدينة بالقنابل ، مركزين على أجزاء من الأسوار الجنوبية الغربية . فتمكنت قوات الاحتلال من دخول قسنطينة في 13 أكتوبر 1837 ، وأثناءها قتل دامريمون Damrémont القائد العام للجيش الفرنسي فتولى مكانه الجنرال فالي وتكبد الحاج أحمد خسائر كبيرة. وبعد سقوط قسنطينة احتل الفرنسيون الغزاة سكيكدة في 8 أكتوبر 1838 و جيجل 13 ماي 1839 ، فأكملوا سيطرتهم على الساحل الشرقي للجزائر.
وظل الحاج أحمد باي يقاوم باعتماده على حرب العصابات ، فكان يتنقل من قبيلة إلى أخرى ، و من الجبل إلى الصحراء ،في كل من بسكرة ، نواحي عين البيضاء ، النمامشة ، الأوراس وأولاد سلطان غربي باتنة الحضنة ، ساعيا الى تعبئة القبائل لمواصلة الجهاد و مهاجما المراكز العسكرية الفرنسية إلى غاية صيف 1848.
انتهاء مقاومة الحاج أحمد باي للاحتلال الفرنسي: حيث عرضت السلطات الفرنسية على أحمد باي الاستسلام، وإعادة كل أشيائه إليه و أخذه ليعيش في بلاد إسلامية ، فقبل هذه المرة العرض بعد أن تقدم في السن .
وتشير الكتابات التاريخية أن أحمد باي وضع شروطا مقابل الاستسلام و هي : استرجاع أملاكه و ثرواته ثم السماح له بالسفر تحت رعاية فرنسا إلى بلد إسلامي. وبعد استسلامه يوم 5 جوان 1848، توجه إلى بسكرة أين أقام فيها ثلاثة أيام ، ثم إلى باتنة أين أمضى فيها يومين ، و في اليوم الثالث توجه إلى قسنطينة .ومنها إلى سكيكدة ثم إلى العاصمة أين خصصت له السلطات الفرنسية مسكنا أقام فيه مع أسرته و خدمه و منحة سنوية قدرها 12 ألف فرنك ، لكنها لم تسمح له بالهجرة و توفي سنة 1850 .
خاتمة : مثلت مقاومة أحمد باي في بايلك الشرق قسنطينة من الفترة الممتدة من 1830 إلى 1848 أحد أكبر المقاومات الشعبية التي واجهت الغزو الفرنسي للجزائر، واستطاع قائدها أن يلحق العديد من الهزائم بقوات العدو
تاريخ الجزائر المعاصر1
محاضرة رقم : 03
المقاومة الشعبية المسلحة في الجهات الوسطى من الجزائر
المستوى : السنة الأولى جذع مشترك علوم إنسانية السداسي : س 1
الميدان : علوم انسانية
المادة : تاريخ الجزائر المعاصر Iالأستاذ المقدم : د: سحولي بشير/ د : دباب بومدين
مقدمة : تسبب الفراغ الذي أحدثه انهيار السلطة السياسية في الجزائر بعد 05 جويلية 1830، في انتشار حالة من الاضطرابات، إلا أن ذلك الوضع لم يدم، إذ تبلور اتجاه عام في جميع مناطق البلاد، يدعو إلى مواجهة العدو وإعلان الجهاد، مما أدى تشكل مقاومة شعبية مسلحة في جهات الوسط من الجزائر.
اندلاع المقاومة المسلحة في جهات الوسط : تسبب سقوط مدينة الجزائر، في دخول القوات الفرنسية إلى المدينة ونهبوا ثرواتها، وأصبحت ممتلكات الجزائريين عرضة للنهب والسلب، فخرج بعض من سكانها نحو المناطق المجاورة لها، والتحقوا بجيوب المقاومة التي ظلت متمسكة بمبدأ الجهاد، تحت قيادات منهم بومزراق، والبركاني وغيرهم، ويذكر أن قرار التصدي لقوات الغزو الأجنبي، أتخذ في اللقاء الذي عقد ببرج البحري في 26 جويلية 1830، الذي حضره عدد كبير من الناس والشخصيات، منهم محمد بن زعموم قائد قبائل فليسة المتواجدة بين بودواو وذراع الميزان، وعل بن سيدي السعدي، من أعيان مدينة الجزائر وقيادات أخرى، و أيضا ثلاثة من العلماء. وكانت قيادات الاحتلال آنذاك على علم بذلك الاجتماع، فسمحت لبعض العلماء الحضور، وكانت تأمل أن يقنع هؤلاء الحاضرون المؤتمرين، بمهادنة فرنسا وقبول الوضع ( الاحتلال)، واتفق المؤتمرون ( المجتمعون) على مواصلة حمل السلاح لطرد العدو الفرنسي من البلاد.
الحملة العسكرية على جهات الوسط : تشير الكتابات التاريخية، أنه أثناء انعقاد اجتماع برج البحري، استغل قائد الحملة العسكرية دوبورمونDe Bourmont الظرف، وخرج على رأس حملة عسكرية في اتجاه مدينة البليدة فدخلها في 23 جويلية 1830، ولم يجد أية مقاومة في طريقه، لكن خبر دخولها، أدى إلى تجمع العديد من المقاومين من المناطق المجاورة، فحاصروا المدينة، مما دفع بقوات العدو بالخروج منها عائدين إلى مدينة الجزائر، وفي المنتصف الثاني من شهر نوفمبر 1830، قامت قوات الاحتلال بمحاولة للسيطرة على المدينتين( البليدة والمدية)، فجهز الجنرال كلوزيل Clauzel قائد قوات الاحتلال حملة عسكرية، للقضاء على زعيم المقاومة في منطقة الوسط باي التيطري مصطفى بومزراق، وتمكن كلوزيل من دخول البليدة مرة ثانية في 22 نوفمبر 1830، فقامت مقاومة المسلحة بقيادة بن زعموم في 26 نوفمبر 1830، الذي شن هجوما على الحامية العسكرية المستقرة في البليدة.
الحملة العسكرية الفرنسية على البليدة والمناطق الجاورة: وردا على ذلك قامت قوات الاحتلال الفرنسية بقيادة كلوزيل Clauzel بارتكاب مجزرة رهيبة ضد سكان المدينة العزل، وشدد كلوزيل Clauzel سياسته القمعية على المنطقة، وتمكن من طرد بومزراق باي التيطري وعوضه بالباي بن عمر أحد أعيان مدينة الجزائر، والذي أظهر تعاونه مع الاحتلال، ورغم ذلك الاجراء الفرنسي، فقد ازدادت المقاومة حدة حول مدينة المدية منذ رييع 1831، مما دفع بالقوات الفرنسية بتوجيه حملة عسكرية بقيادة بارتيزين Bertizen، الذي استطاع فك الحصار المفروض على مدينة المدية وحليفهم الباي بن عمر.
كما تواصلت المقاومة في صد توغل القوات الفرنسية، خاصة محاولات استقرار المستوطنين في ضواحي مدينة الجزائر، إذ قام الاحتلال بتأسيس أول مزرعة نموذجية في مكان يقع على ضفة وادي الحراش، قدرت مساحتها بحوالي 1000 هكتار، وشنت المقاومة المسلحة هجوما ضد المزرعة، فقام الجنرال بارتيزين Bertizen بالاستعانة بأحد أعيان المنطقة ( القليعة) وهو الحاج محي الدين الصغير بن مبارك وعينه آغا العرب، وعقد معه اتفاقا، وبفعل ذلك الاتفاق هدأت الأوضاع حتى ربيع 1832، أين قامت قوات الاحتلال الفرنسية بقيادة روفيقو Rovigo بارتكاب مجزرة جماعية في حق قبيلة العوفية في 10أفريل 1832، مما أدى الى تجدد المواجهة بين الطرفين في معركة بوفاريك 02 أكتوبر1832، فكان الحاج السعدي على رأس المجاهدين روحيا، والحاج محمد بن زعموم، وقد استطاعت قوات الاحتلال الفرنسي التوغل والاستقرار في بوفاريك، القليعة والبليدة. ورغم ذلك لم تتوقف المقاومة في الوسط، حيث انضمت إلى الأمير عبد القادر، الذي استطاع أن يكسب الى جانبه زعماء المقاومة في المنطقة، فبايعته تلك الزاعمات خاصة البركاني، بومزراق، بن زعموم وغيرهم من المقاومين والمجاهدين الرافضين للوجود الفرنسي في الجزائر.
خاتمة : رغم السقوط المفاجئ للجزائر في قبضة الاحتلال الفرنسي وانهيار السلطة السياسية، لم يمنع الجزائريين من مواجهة جيش الاحتلال، الذي أخذ يتوغل في مناطق مدينة الجزائر وما جاورها، وكانت تلك المقاومة الشعبية ممثلة من طرف قيادات وزعماء قبائل جزائرية ، التي رفضت الاستسلام، وظلت مقاومتهم مشتعلة من 1830 إلى 1832، حتى انضمت إلى مقاومة الأمير عبد القادر 1832/1847.تاريخ الجزائر المعاصر1
محاضرة رقم : 02
الحملة الفرنسية على الجزائر 1830
المستوى : السنة الأولى جذع مشترك علوم إنسانية السداسي : س 1
الميدان : علوم انسانية
المادة : تاريخ الجزائر المعاصر Iالأستاذ المقدم : د: سحولي بشير/ د : دباب بومدين
مقدمة : تشير الدراسات التاريخية، أن العلاقات الجزائرية الفرنسية، تميزت بالود تارة والتوتر تارة أخرى، فمنذ القرن السادس عشر تمتعت فرنسا بامتيازات تجارية خاصة في الجزائر، إذ كانت لها مؤسسات تجارية في عنابة، القالة والقل، وكانت هذه المؤسسات تدفع ضرائب سنوية متفق عليها، وظلت العلاقات على حالها في معظم الفترات خاصة عهد الثورة الفرنسية، أين اعترفت الجزائر بالجمهورية الفرنسية الجديدة، إلى أن حلت فترة التوتر بسبب قضية الديون، هذه القضية التي انتهت بحادثة المروحة، التي اتخذت كذريعة لشن الحملة العسكرية الفرنسية على الجزائر عام 1830م.
قضية الديون : قامت الجزائر في عام 1796 بإقراض حكومة الثورة في فرنسا مبلغا ماليا مقدرا بحوالي مليون من الفرنكات بدون فائدة، كما أذنت للحكومة الفرنسية، بأن تتمول في الموانئ، وأثناء حكومة المؤتمر غيرت فرنسا طريقة الدفع، فلجأت إلى التاجرين اليهوديين بكري وبوجناح ليقوما بالدفع بدلها إلى الحكومة الجزائرية. وتشير المصادر أن هذان اليهوديان حصلا على حماية من بعض الباشوات، وأصبح لهما نفوذا، خاصة بوجناح، الذي وصل الأمر به إلى تعيين وعزل القيادات من مناصب عليا، حتى أصبح يلقب بــ ( ملك الجزائر). وتؤكد الدراسات التاريخية، أن اليهوديان بكري وبوجناح جرا الحكومة الجزائرية إلى قضية قرضهم لفرنسا، وفي عام 1819 شكلت الحكومة الفرنسية لجنة رباعية لدراسة قضية الدين، الذي على فرنسا لليهوديين، وفي 18 أكتوبر 1819 أكدت فيها أن ملك فرنسا يعتزم دفع الديون حفاظا على العلاقات الودية مع الجزائر. وبحلول 24 جويلية 1820 أصدر البرلمان الفرنسي قانونا لتسديد الديون إلى عائلة بكري، فتعالت أصوات من جهات أخرى فرنسية معلنة أن عائلة بكري مدينة لها. ورغم ذلك استمر الداي في مطالبة فرنسا بتسليم الديون إليه مباشرة، وبأنه سيتولى هو بنفسه تسديد الديون التي هي على بكري، وليس المحاكم الفرنسية. وقد أدى تماطل السلطات الفرنسية في الرد على مراسلات الداي، إلى استياء العلاقة بينه وبين القنصل الفرنسي دوفال Duval، لأنه تعمد عدم الرد على مراسلات الداي حول مسألة الديون.
حادثة المروحة : تعد حادثة المروحة أحد الأسباب التي تذرعت بها فرنسا، لشن حملتها العسكرية على الجزائر، إذ في 29 أفريل 1827 تقدم القناصل الأجانب ومنهم القنصل الفرنسي دوفال Duval ، لتهنئة الداي بمناسبة العيد، حينها طالب الداي من القنصل الفرنسي، بما جاءت به الرسالة التي وصلته من الحكومة الفرنسية، فأبلغه القنصل دوفال Duval ، أن الرسالة لا تعنيه، وأن الرسالة التي حملها، كانت شفوية. وقد كان لرد دوفال Duval هذا، تأثير في نفسية الداي حسين، فأمره بالخروج، وضربه الداي بمروحة كانت بيده. وعلى أثر تلك الحادثة أرسل دوفال Duval تقريرا الى حكومته في باريس، معتبرا ما وقع له إهانة للشعب الفرنسي وحكومة الملك شارل العاشر.
استغلت الحكومة الفرنسية حادثة المروحة، فأبلغت سفراء الدول الأوروبية لديها، أنها إذا لم تتلق خلال الأربع والعشرين ساعة، ترضية لمطالبها وشروطها من الداي حسين، فإنها ستفرض حصارا بحريا على الجزائر، وكانت تلك الشروط بمثابة إهانة حقيقية للداي والجزائر.
الحصار والتحضير للحملة العسكرية: أرسلت فرنسا الضابط كولي Kollet على رأس ستة بوارج بحرية حريية الى الجزائر في 12 جوان 1827، ليملي مطالب الحكومة الفرنسية على الداي التي رفضها، فأعلنت فرنسا الحصار على الجزائر في 16 جوان 1827، وتسبب الحصار في حدوث خلاف في الأوساط السياسية الفرنسية الحاكمة، احدها يؤيد الحملة العسكرية، والأخر فقط الحصار، وقد اشتد الخلاف في الأوساط السياسية الفرنسية حول فعالية الحصار المضروب على الجزائر، الذي كلف أموالا كبيرة حوالي 21 مليون فرنك فرنسي خلال الثلاث سنوات، فدخلت فرنسا في مفاوضات مع الجزائر، إلا أنها باءت بالفشل، ثم استؤنفت المفاوضات في عهد لابروتونيار La Bretonnièreالذي خلف كولي، إلا أنها وصلت الى باب مسدود بسبب الشروط المذلة التي أرادت فرنسا فرضها على الداي حسين.
بعد فشل المفاوضات، انتصر أصحاب الرأي المؤيد للحملة العسكرية، خاصة مع مجيء بولنياك Polignac إلى رئاسة الوزراء إذ يعد من مؤيدي العمل العسكري، وقام وزير الحربية الجديد دوكو Décaux بتشكيل لجنة خماسية لدراسة المسائل المتعلقة بالحملة، وجمعت المعلومات الخاصة بالجزائر، من 1628 إلى 1808. وتؤكد الدراسات التاريخية، أنه تم دراسة جميع مشاريع ومخططات الحملة التي طرحها بعض الضباط العسكريين منهم مخطط لوفيردو Loverdo الذي تضمن معلومات تاريخية وجغرافية وعسكرية عن الجزائر، ومخطط دوبوتي توار De petit Thouars ، ومخطط كليرمون تونير Clermont Tonner ، الذي رأى في الحملة على الجزائر أمرا ضروريا وممكنا، واصفا إياها بالحرب الصليبية، وقد توافقت خطة الحملة مع مخطط بوتانBoutin.
وفي سياق الإعداد للحملة العسكرية،، عرض محمد على والي مصر مشروعا على بولنياك سمي ( مشروع محمد علي) للقيام بحملة عسكرية برية من سواحل شمال أفريقيا، مقابل حماية بحرية فرنسية، ولقي المشروع معارضة شديدة من الفرنسيين ( السياسيين)، فتقرر في 19 ديسمبر 1829 قيام فرنسا لوحدها بالحملة ضد الجزائر، وفي 30 جانفي 1830 قرر مجلس الوزراء القيام بالحملة.، وبتاريخ 07 فيفري 1830وافق الملك شارل العاشر Charles X على مشروع الحملة وعين الجنرال دوبورمون De Bourmont قائدا عاما للحملة.
بدء الحملة البحرية على الجزائر : وقبل أن تتوجه السفن الحربية من طولون Toulon، نشر الفرنسيون بواسطة عملائهم منشورات سرية ( أرسلوا بيان) من 400 نسخة سلموها لقنصلهم في تونس ليوزعها في الجزائر، ذكروا فيه بأنهم قادمون لمحاربة الأتراك وتخليصهم من حكمهم المستبد، وأنهم سيحمون الأهالي ولا يحكمونهم، وأنهم سيحترمون دينهم ونسائهم وممتلكاتهم. وبتلك الاستعدادات العسكرية، توجهت السفن الحربية نحو المكان المحدد لها، وكان نزولهم دون أية مقاومة 2/4
في سيدي فرج المكان الغير محصن، كما حدد في مشروع بوتان Boutin ،، ولما تم الإنزال البري، قام قائد الحملة دوبورمونDe Bourmont بوضع مقر قيادته العامة في زاوية سيدي فرج، ومنها شرعت القيادة الفرنسية في حملتها العسكرية البرية.
معركة سطاوالي : لم يك الجيش الجزائري على استعداد تام لمواجهة الحملة الفرنسية، فقد حاول إبراهيم باشا القيام بهجوم في 19 جوان 1830 على القوات العسكرية الفرنسية انطلاقا من معسكر سطاوالي، إلا أنهم فشلوا في مهمتهم بسبب قلة الخبرة العسكرية، فباغتهم الجيش الفرنسي بهجوم على معسكر سطاوالي وتم الاستيلاء عليه، وعلى اثر تلك الهزيمة عزل إبراهيم باشا، الذي هرب تاركا وراءه الخيام والجيش، وعين مصطفى بومزراق قائدا للجيش الجزائري، فحاول القيام بهجومات مضادة، لكنه فشل، وازداد تقدم دوبورمون De Bourmont ، وصارت بذلك مدينة الجزائر تحت رحمة قذائف مدافع الجيوش الفرنسية المتقدمة نحوها.
سقوط مدينة الجزائر: لما استولى الفرنسيون على قلعة مولاي حسن ( قلعة الامبراطور)، قام الداي حسين بجمع أمناء الطوائف ، كما كان للبيان الذي وزعه الفرنسيون تأثيرا كبيرا على نفسية الجزائريين، وعليه كان الجزائريون منقسمون على أنفسهم إلى مجموعتين، المجموعة الأولى مع مواصلة المقاومة، أما المجموعة الثانية دعت إلى الدخول في مفاوضات، فأخذ برأي المجموعة الثانية، وبدأ دور ممثلين عن الأعيان منهم محمد بوضربة، وإبن سي حمدان الحاج حسان، اللذان يتحدثان اللغة الفرنسية بطلاقة. وفي 05 جويلية 1830 تم توقيع المعاهدة التي وثق فيها استسلام الداي ووقوع الجزائر تحت سيطرة القوات الفرنسية بقيادة دوبورمون De Bourmont. ونصت اتفاقية الاستسلام على ما يلي:
1- يسلم حصن القصبة وجميع الحصون الأخرى التابعة للجزائر وميناؤها إلى الجيوش.
2- يتعهد قائد الجيش الفرنسي، بأنه يترك لداي الجزائر حريته وجميع ثرواته.
3- الداي حر في الانسحاب مع أسرته وثرواته الخاصة إلى المكان الذي يحدده، وسيكون هو وأسرته تحت حماية قائد الجيش الفرنسي، وستقوم فرقة من الحرس الفرنسي بالسهر على أمنه وأمن أسرته.
4- يضمن قائد الحملة الفرنسية نفس المزايا ونفس الحماية لجميع جنود الانكشارية.
5- تبقى ممارسة الديانة المحمدية حرة، كما أنه لن يحصل أي اعتداء على حرية السكان ولا على دينهم، وأملاكهم وتجارتهم، ونساؤهم سيحترمن.
ولما دخلت الجيوش الفرنسية الجزائر، تم الاستيلاء على مقدرات مالية كبيرة، وكنوز من القطع الذهبية والفضية، التي قدرت حسب بعض الشهادات بحوالي 80 مليون من القطع الذهبية والفضية. كما استولى الجنود الفرنسيون دون احترام معاهدة الاستسلام على الديار والدكاكين والمساجد، ونهبت الممتلكات ليلا ونهارا سرا وجهارا.
المواقف الدولية من الحملة الفرنسية : كان سقوط الجزائر في قبضة الاحتلال الفرنسي أمرا مفاجئا، علما أن الجزائر واجهت حملات من قبل. وتشير المصادر التاريخية، أن السقوط يعود إلى مسائل داخلية متعلقة باستعدادات الجيش الجزائري، الذي استخف قواده بالجيوش الفرنسية، وكذا انعدام الحنكة والخبرة العسكرية من جهة، ومن جهة أخرى المؤامرات التي حيكت ضد الجزائر من دول الجوار. حيث لقيت فرنسا الدعم لعمليتها العسكرية من الدول الأوروبية، وضمنت حيادها.
1- موقف انجلترا : سعت انجلترا منع الحملة، حيث استنكرت ادعاءات فرنسا، وسعت إلى الحصول على ضمانات للحفاظ على مصالحها، وكانت انجلترا من الدول الأوروبية المعادية لاحتلال مدينة الجزائر.
2- موقف اسبانيا : سعت المملكة الاسبانية للحفاظ على مزايا معاهدة التجارة التي أبرمتها مع الداي، وبذلك رفضت طلب فرنسا استعمال موانئها، وإقامة مستشفى في جزر الباليار.
3- موقف روسيا القيصرية: اعتبرت الحملة على الجزائر مخلصة لتجارة الرقيق في البحر المتوسط.
4- موقف الولايات المتحدة الأمريكية : أبدت أمريكا تأييدها للحملة العسكرية.
5- موقف الدول المغاربية المجاورة :
أ- موقف تونس : كانت لباي تونس أطماعا توسعية في الجزائر، قبل أن تقع الحملة التأديبية، وقد قدم تسهيلات لتموين الحملة.
ب- موقف المغرب الأقصى: أبدى السلطان المغربي، الحياد تجاه الحملة، ولما انطلقت الحملة سمح للفرنسيين بالتموين في الموانئ المغربية.
ج- موقف ليبيا : أظهر باشا ليبيا يوسف كرامانلي معارضته للحملة الفرنسية.
خاتمة : لم تكن حادثة المروحة السبب الرئيسي، لتشن فرنسا حملة عسكرية، انتهت باحتلال دولة كانت لها سيادة وتجمعها علاقات بالعديد من الدول الأوروبية وحتى العربية، إنما الأسباب الحقيقة للحملة، تكمن في أسباب وأهداف عديدة منها السياسية، الاقتصادية، الدينية والعسكرية.
تاريخ الجزائر المعاصر1
محاضرة رقم : 01
الأوضاع العامة للجزائر قبل الحملة الفرنسية
المستوى : السنة الأولى جذع مشترك علوم إنسانية السداسي : س 1
الميدان : علوم انسانية
المادة : تاريخ الجزائر المعاصر I
الأستاذ المقدم : د: سحولي بشير/ د : دباب بومدين
مقدمة : إن الأوضاع العامة للجزائر سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية تأثرت بشكل كبير بطبيعة وخصائص الحكم العثماني بها، الذي استمر ما يزيد عن ثلاثة قرون من جهة، وبشخصيات الحكام الأتراك من جهة أخرى، حيث تميزت هذه الأوضاع بالاستقرار والازدهار في بعض الأحيان والاضطرابات والانحطاط أحيانا أخرى . ومع نهاية القرن الثامن عشر عرف الوضع العام للجزائر قبل الاحتلال الفرنسي، منعرجا خطيرا، بعد أن كانت تتمتع بمكانة مرموقة وهيبة دولية، خاصة في الفترة الأخيرة من حكم الدايات (1776-1830).
الأوضاع السياسية الداخلية : رغم أن عهد الدايات كان مليئا بالثورات والمؤامرات ولم تكن مدة حكمهم تستمر طويلا ، إلا أنه يمكن أن نستثني من ذلك الفترة التي حكم فيها الداي محمد بن عثمان باشا في النصف الثاني من القرن 18 أي من سنة( 1766 – 1791 ) ، حيث عرفت الجزائر في ظل حكمه استقرارا نسبيا. وفي مجمل الحديث عن الأوضاع السياسية الداخلية للجزائر قبل الاحتلال الفرنسي، يمكن القول أنها تميزت بعدم الاستقرار السياسي والأمن، حيث تواصلت الاضطرابات، والتناحر على الحكم، والاغتيالات والتمرد والعصيان من طرف الأهالي بسبب السياسة التي انتهجها الدايات بإرهاق الأهالي بالضرائب، منها تمرد سكان العاصمة والقبائل المجاورة، تمرد كراغلة تلمسان، وكراغلة عاصمة الجزائر، وتمرد القبائل الكبرى عام 1767، سكان البليدة- الحضنة- واحات الجنوب- الاوراس )، وثورة ابن الاحرش، في بايلك الشرق 1804.
الأوضاع السياسية الخارجية :
1 - على المستوى المغاربي : كانت السياسة المغاربية متوترة في أكثر فترات تاريخ بلاد المغرب .
1- أ- تونس: كانت الجزائر تعتبرها إقليما تابعة لها وتونس ترفض ذلك ، كما كانت لتونس أطماع في قسنطينة.
1- ب – المغرب: كانت لسلطان المغرب أطماع قديمة في تلمسان ، كما كان ينظر للجزائر كخطر يهدده ويجب تفاديه حتى وان اقتضى الأمر التحالف مع الغرب.
2- على المستوى الأوروبي : أقامت الجزائر علاقات سياسية وتجارية مع عدة دول أوروبية ، حيث كان دافع الجزائر الحيلولة دون قيام أي تحالف أوروبي ضدها، أما الدول الأوروبية، فكان لأجل مصالحها التجارية من القرصنة، تقدم الترضيات المالية لها والإتاوات، علما أن هذه العلاقات لم تخل من نزاعات وحروب بحرية.
2-أ - علاقتها مع بريطانيا : كان للجزائر علاقات ودية في غالب الأحيان مع بريطانيا ، فاستفادت الجزائر من التنافس الحاد بين بريطانيا وفرنسا ، وقد تخللت تلك العلاقات معاهدات سلام بين الدولتين ، كما أن بريطانيا كانت تبذل كل ما في وسعها لتتوتر العلاقات بين الجزائر وفرنسا، حيث تمكنت الحصول على الامتيازات، لكن هذا لم يمنع بريطانيا من شن حملات عسكرية على الجزائر لإضعافها ، ومن بين هذه الحملات نذكر : حملتها على مدينة الجزائر عامي 1660، و 1670، وحملة اكسماوث 1816.
2-ب- علاقتها مع اسبانيا: تميزت بالتوتر في معظم فتراتها بسبب احتلال اسبانيا للمرسى الكبير ووهران،والحملات المتكررة على المدن والموانئ الجزائرية .
2- ج - علاقتها مع الولايات المتحدة الأمريكية : كانت الجزائرالسباقة في الاعتراف بأمريكا كدولة مستقلة عن بريطانيا عام 1776 ، كما منحتها مساعدات كثيرة ، لكن الاعتراف والمساعدات لم يمنع الجزائر من أن تفرض على أمريكا الإتاوات، وقد قررالكونغرس ألا يقدم الإتاوة، وعليه أعلنت الجزائر على أمريكا حربا، مما جعل الكونغرس الأمريكي يرسل وفدا للتفاوض، وتم التوقيع على معاهدة سلام بين الدولتين عام 1796.
2- د - علاقتها مع فرنسا : عرفت العلاقات بين الجزائر و فرنسا تطورات متباينة، من المودة والتعاون إلى التوتر و الحروب، حيث توترت العلاقة بين البلدين إثر الحملة الفرنسية على مدينتي الجزائر و شرشال عامي 1682 -1683 ،ثم عادت العلاقات إلى حالها خلال الثورة الفرنسية 1789، وفي عام 1793 منح داي الجزائر ( حسن باشا ) قرضا لشراء المواد الغذائية من الجزائر، لكن المساعدات توقفت، بسبب الحملة الفرنسية على مصر 1798، وبعد انسحاب نابليون عادت العلاقات إلى طبيعتها . ثم توترت بسبب تهديد نابليون بتحطيم الأسطول الجزائري. كما سحبت الامتيازات من فرنسا ومنحت إلى منافستها بريطانيا عام 1806 إلى غاية 1816 أين أعادتها للمرة الثانية لفرنسا، وبعدها جاءت أزمة ديون التي آلت إلى احتلال.
3- التحالف الأوروبي ضد الجزائر: في أوائل القرن التاسع عشر بدأت الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية تكف عن دفع الإتاوات للجزائر، كما أصبحت النوايا الاستعمارية تتجلى في الأفق ضدها، خاصة بعدما حققت تفوقا عسكريا واضحا على الجزائر بفضل دخول دول أوروبا مرحلة الثورة الصناعية الحديثة، ولأجل تحقيق نواياها عقدت الدول الأوروبية العديد من المؤتمرات منها :
3-أ- مؤتمر فيينا 09 جوان 1815: تحالف الأوروبيون ضد الجزائر في مؤتمر فيينا وذلك لوضع حد نهائي لأعمال القرصنة البحرية واسترقاق المسيحيين ( استعبادهم )، وكلفت بريطانيا بتطبيق مقررات المؤتمر، فتوجه الانجليزي اللورد ( اكسماوث) عام 1816 الذي قنبل بالمدفعية الأسطول البحري الجزائري.
3-ب - مؤتمر اكس لاشابيل 30 سبتمبر 1818 : قرروا فيه مطالبة كل من الجزائر وتونس وليبيا بوضع حد للقرصنة واعتبروا أي مساس بالبواخر التجارية، لأحد من هذه الدول المتحالفة سيؤدي إلى رد فعل سريع.
الأوضاع العسكرية : واجهت الجزائر والدولة العثمانية تهديدات خارجية كبيرة ، خاصة من جانب اسبانيا والدول الايطالية وفرسان مالطة ، مما جعلها ( أي الجزائر ) تهتم بأسطولها الحربي تدفع به الغارات المسيحية عن مدتها وسواحلها ، أصبحت موانئ المدن الساحلية الأخرى، كشرشال ودلس وبجاية وجيجل وعنابة وتنس قواعد أخرى للأسطول. وكان الخشب يجلب من غابات شرشال وجرجرة وبجاية وجيجل والقل، كما أنشئت مصانع لصناعة المدافع والبارود والذخيرة وقطع الغيار. وقد بلغ الأسطول الجزائر أوج قوته في منتصف القرن 17، مكنته من صد وإفشال جل الحملات العسكرية على الجزائر كالحملات الاسبانية والفرنسية والهولندية وغيرها ، كما كان الأسطول درعا واقيا، لكن دور البحرية ونشاط الأسطول الجزائري بدأ يتضاءل مع مطلع القرن 19 إلى أن اضمحل نهائيا سنة 1830.
- الأوضاع الاقتصادية : إن عدم الأمن والاستقرار السياسي وانتشار حركات التمرد والاضطرابات كان له انعكاسات سلبية على المجال الاقتصادي ، حيث أهملت الفلاحة بتوقف الحرث والزرع ، وحدثت مجاعات من جراء كثرة الفتن والأهوال واهتزاز المجتمع . كما أغلقت الأسواق خوفا من قطاع الطرق ، إضافة إلى ظاهرة الجفاف التي استمرت سنوات خاصة بشرق البلاد وارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة. كما لم تتدخل الدولة لتحسين وسائل الزراعة، ولم تسهم في الوقاية من الأضرار الطبيعية ، أو الآفات الزراعية التي كانت تتعرض لها البلاد بصورة مستمرة.
الأوضاع الاجتماعية : لم تكن الأوضاع على الصعيد الاجتماعي أحسن من غيرها ، حيث عرفت الجزائر انتشار الأوبئة خاصة في الفترة التي بلغ فيها مرض الطاعون درجة خطيرة وهي الفترة الممتدة من جوان 1817 إلى سبتمبر 1818 ، بالإضافة إلى و الزلازل التي ضربت كثيرا من المدن الجزائرية ( مدينة الجزائر والمدية عام 1632 ، زلزال الجزائر العاصمة 1665 ، شرشال ، بجاية والجزائر العاصمة عام 1716 ، ثم زلازل 1723 و 1724 و 1755 و 1760 الذي خرب البليدة ، وزلزال وهران عام 1790 ). وفي بداية القرن التاسع عشر تجلى في الجزائر نفوذ شخصين يهوديين وهما بوجناح وبكري ، إذ كانا يقومان لوحدهما بدور البنوك في الجزائر، ويحتكران الأسواق التجارية الجزائرية وخاصة في ميدان تصدير الحبوب فامتد نفوذهما حتى في بلاط الحكم ، فأصبحت لهما قوة تأثير في القرارات السياسية و الاقتصادية، وكانا سببا مباشرا في احتلال فرنسا للجزائر عام 1830.
خاتمة : عرفت الجزائر في بداية القرن التاسع عشر، تحولات أثرت سلبا سياسيا، عسكريا، اقتصاديا واجتماعيا، مما فسح المجال للدول الأوروبية، إلى التآمر عليها في كثير من المؤتمرات الأوروبية، حيث راحت تلك الدول الأوروبية المسيحية تبحث عن السبل، لإنهاء هيمنة الجزائر على الملاحة البحرية في حوض البحر المتوسط، ولما انهارت القوة البحرية الجزائرية في معركة نفارين 1827، أقدمت فرنسا على تنفيذ حملتها العسكرية عام 1830.
أ. نورين عشاش– السنة الأولى جذع مشترك علوم انسانية - السداسي الأول – مقياس مدخل إلى مجتممع المعلومات - المحاضرة الثالثة – مؤشرات الولوج إلى مجتمع المعلومات
يمكنكم تحميل المحاضرة الثالثة عبر الرابط التالي:
(مدخل إلى الببليوغرافيا (السنة 1 ج.م
مدخل إلى الببليوغرافيا (السنة 1 ج.م )
مصطلحات ومفاهيم أساسية
1. تحديد مفهوم الببليوغرافيا: (bibliographie)
-التعريف اللغوي : يكاد يتفق المهتمون إن لم نقل يجمعون على أن أصل الكلمة
يوناني، مركبة من كلمتين"
-التعريف اللغوي : يكاد يتفق المهتمون إن لم نقل يجمعون على أن أصل الكلمة يوناني، مركبة من كلمتين"Biblio " ويعني" كتيب" وهي صورة التصغير المأخوذة من "biblios " " كتاب" وكلمة "graphia" وهي اسم الفعل من "graphien " بمعنى" ينسخ " أو" يكتب" ، وتعني الكلمة في أصلها اللغوي "كتابة الكتب" أو " نسخ الكتب" ، وقد تغير معناها بعد القرن السابع عشر إلى مدلول فكري عام هم " الكتابة عن الكتب" .
والمعنى المتعارف عليه في المعاجم ، فإنه يرتبط بالمعنى المتفق عليه اصطلاحا، ومن مضامينه :
البيبليوغرافيا:
-
"قائمة كتب …تختلف عن الفهرس (Catalogue ) .
- وفي قاموس المنهل نجد :" فهرسة، بيبليوغرافيا ، علم الفهارس ، علم التأليف،
".
- وفي قاموس المنهل نجد :" فهرسة، بيبليوغرافيا ، علم الفهارس ، علم التأليف، ".
2- التعريف
الاصطلاحي:
يمكن إيجاد مجموعة من التعاريف التي تتسع وتضيق طبقا لعاملي المكان والزمان،
ومنها:
- " هو علم وصف الكتب والتعريف بها ضمن حدود وقواعد معينة…"
يمكن إيجاد مجموعة من التعاريف التي تتسع وتضيق طبقا لعاملي المكان والزمان، ومنها:
- " هو علم وصف الكتب والتعريف بها ضمن حدود وقواعد معينة…"
- " يدل على علم مستقل يعتبر من أهم الفروع لعلوم المكتبات والمعلومات، حيث تغطي البيبليوغرافيا بدراستها وممارساتها شبكة متداخلة من الموضوعات، ومجموعة معقدة من الأساليب والمعالجات لأنها تتناول الإنتاج الفكري للإنسان في إطاره الذي يتسع كل يوم.
-" بيبليوغرافيا" من الكلمات الأجنبية التي دخلت إلى اللغة العربية معربة في العصر الحديث، وأصبحت مصطلحا شائعا يدل على علم مستقل يعتبر من أهم الفروع لعلم المكتبات والمعلومات ."
v تعريف الأستاذ الفرنسي “Charles Mortet":
" دراسة الجداول التي تقوم بوصف الكتب وترتيبها، ويجب باستمرار الاستعانة بها للتعريف بالكتب ولاقتناء المطبوع منها حول موضوع معين."
v تعريف ابن خلدون: "بأنها مهنة ترتبط بنسخ الكتب وتصحيحها وتنقيحها وتنظيم معلوماتها وتجليدها وتوزيعها"، وقد تتطور هذا المفهوم فأصبح يعني "فن الكتابة عن الكتب" وفى بدايات القرن العشرين تكرر مصطلح الببليوجرافيا وأصبح يسمى " علم الفهرسة أو علم الببليوجرافيا " .
v تعريف جمعية المكتبات الأمريكية: American Library Association (ALA) "الببليوجرافيا هي عملية تهدف إلى تجميع المصادر فى قوائم وفقاً لتنظيم ونسق موحد يربط بين موادها التى تربطها علاقات".
من خلال التعريفات السابقة يمكننا استخلاص التعريف التالي:
"الببليوغرافيا" علم وفن يدرس ويرتبط بإعداد الوصف المادي لمصادر المعلومات والإنتاج الفكري والمواد بأشكالها فى مجال معين أو فى مجموعة مجالات كما يرتبط أيضاً بنسخها وإصدارها وتوزيعها وتقنين البيانات الوصفية لها، وإعداد مداخل مرتبة إما هجائياً أو زمنياً أو موضوعياً أو بأي أساليب أخرى لاسترجاعها.
4. تعريف الببليوغرافي:
- " علم البيبليوغرافي “ Science du bibliographe”
البيبليوغرافي: أنه الشخص الذي يقرأ المخطوطات القديمة ويعرف الكتب المطبوعة والمخطوطة." وهو تعريف المجمع اللغوي الفرنسي في (ط4) من قاموسه سنة 1762.
والبيبليوغرافي هو :"مُـفهرس، بيبليوغرافي عالم بالتأليف، (واصف الكتب مضمونا وطباعة). وتجدر الإشارة إلى أن اللفظة غائبة في المعاجم اللغوية العربية، ويقصر وجودها على معاجم المصطلحات ، وخصوصا منها الأدبية.
- البيبليوغرافي هو الشخص الذي يؤدي ويقوم بدراسة خاصة لمعرفة الكتب والتاريخ الأدبي ، وكل ما اتصل بفن الطباعة"
2-أهمية الببليوغرافيا:
1- إمداد المستفيدين بالبيانات الببليوجرافية (الوصفية) للمصادر فى مجالاتهم اهتمامهم لكي يقرروا مدى حاجتهم للرجوع إلى المادة الأصلية ومصدر المعلومات الحقيقي مثل: اسم المؤلف - عنوان المصدر- الطبعة - بيانات النشر -الوصف المادي–السلسلة-الرقم المعياري الدولي.
2- تفعيل البحث العلمي حيث تساعد الباحثين في إعداد الدراسات الأكاديمية والرسائل الجامعية من خلال إحاطتهم بأحدث المصادر في مجالات اهتماماتهم
سواء كانت كتب أو دوريات أو مواد سمعية وبصرية أو مصادر إلكترونية.
3- تفيد المكتبات فى عمليات التزويد واختيار وتنمية
المجموعات المكتبية والتعريف بالمؤلفات المنشورة و الموجودة في الأسواق كما تيسر
عمليات تبادل الإعارة. .
4- المساهمة في التقدم العلمي للمجتمع والارتقاء بخدمات المعلومات وتنويعها وتوفير الوقت والجهد، من خلال الاطلاع على أحدث الإصدارات في مختلف المجالات.
5 - توفير إحصاءات وأرقام حول الإنتاج الفكري للإفادة بها في الدراسات والبحوث.
وهناك مجالات عديدة يمكن أن تخدمها الببليوجرافيات منها على سبيل المثال إعداد البحوث ومجالات الإعلام والدعاية والمسابقات، والمناسبات الدينية والقومية والاجتماعية وخدمة الإرشاد القرائي، ومساندة المناهج الدراسية والتعليمية، ودعم تنمية وبناء المجموعات في المكتبات.