المالية العامة
مقياس المالية العامة يُعد من المقاييس الأساسية في تكوين طلبة السنة الثالثة ليسانس علوم سياسية، خاصة ضمن تخصص التنظيم السياسي والإداري، لما له من أهمية في فهم الدور الاقتصادي والمالي للدولة وعلاقته بالسياسات العامة وبالهياكل الإدارية والتنظيمية. يهدف هذا المقياس إلى تمكين الطلبة من الإحاطة بمختلف الجوانب المتعلقة بالنشاط المالي للدولة، أي الكيفية التي تحصل بها على الموارد المالية وكيفية إنفاقها بما يخدم الصالح العام ويحقق أهداف التنمية والاستقرار.
تُعرَّف المالية العامة بأنها العلم الذي يدرس مجموع الوسائل التي تعتمدها الدولة للحصول على الموارد المالية من ضرائب ورسوم وقروض وغيرها، وكيفية توجيه هذه الموارد لتغطية النفقات العمومية مثل الأجور والخدمات العامة والمشروعات الاستثمارية.
وتبرز أهمية المالية العامة في كونها الأداة التي تُترجم من خلالها السياسات الحكومية إلى إجراءات مالية ملموسة تمس حياة المواطنين وتؤثر في توزيع الدخل والثروة داخل المجتمع. تهدف المالية العامة إلى تحقيق مجموعة من الغايات، أهمها تحقيق الاستقرار الاقتصادي من خلال ضبط الدورة الاقتصادية وتفادي التضخم والبطالة، وتحقيق العدالة الاجتماعية عبر إعادة توزيع الدخل والإنفاق على الخدمات الاجتماعية، إضافة إلى دعم النمو الاقتصادي وتمويل مشروعات التنمية.
ولتحقيق هذه الأهداف، تعتمد الدولة على مجموعة من الإيرادات العامة التي تشمل الضرائب بمختلف أنواعها، والرسوم، وعوائد أملاك الدولة، إلى جانب القروض والمساعدات. أما النفقات العامة فهي تمثل ما تنفقه الدولة لتسيير المرافق العامة وتحقيق الرفاه الاجتماعي، وتشمل النفقات الجارية مثل الرواتب والتسيير، والنفقات الاستثمارية الموجهة لتمويل المشاريع، بالإضافة إلى النفقات التحويلية كالإعانات الاجتماعية.
وتُجسَّد هذه العمليات في الميزانية العامة للدولة، وهي خطة مالية سنوية تحدد فيها الحكومة توقعاتها من الإيرادات والنفقات، وتشكل بذلك أداة أساسية لتطبيق السياسة المالية وتوجيه الاقتصاد الوطني. ترتبط المالية العامة ارتباطًا وثيقًا بالتنظيم السياسي والإداري، إذ تعكس في مضمونها طبيعة النظام السياسي والخيارات الاقتصادية والاجتماعية التي يتبناها. كما أن تنفيذ السياسة المالية يعتمد على كفاءة الإدارة العمومية، وعلى مدى التنسيق بين الأجهزة السياسية والبيروقراطية.
ومن هذا المنطلق، فإن دراسة مقياس المالية العامة تُمكّن الطالب من فهم العلاقة التفاعلية بين القرار السياسي والإدارة المالية، وكيف تُترجم توجهات الدولة إلى سياسات مالية واقعية تؤثر في بنية الاقتصاد والمجتمع معًا
