حماية المستهلك امام الخدمات الصحية
hayet khenteur

حماية المستهلك امام الخدمات الصحية

            تشكل عملية استعمال الخدمات الصحية من طرف المرضى اخطر ما قد يتعرض له الإنسان أو بالأحرى ما قد يحتاج اليه الإنسان، لكونها خدمة معقدة ومسألة  مرتبطة بالإنسانية و بالتقدم العلمي و التكنولوجي من جهة و بالقدرات العلمية و خاصة المالية من جهة أخرى، مما يوجب احاطتها بسياج من الحماية القانونية و الأخلاقية، وهذا ما سعت إليه الأنظمة، حيث تبنت جل التشريعات الوضعية حماية الإنسان في كل المجالات بشكل عام    و في مجال الخدمات الصحية بشكل خاص.

       تتميز العلاقة الموجودة بين المريض والطبيب عن باقي العلاقات بكونها علاقة مقدسة، بعيدة عن العالم التجاري المالي، إلى انه يتم اختراق هذا العالم أو هذا القطاع من قبل جهات فاعلة في السوق محاولة  إضفاء الطابع المالي التجاري على هذا القطاع، ومن أهمها قطاع الصناعة الدوائية والمؤسسات الصحية الربحية وحتى من قبل شركات التأمين التي تحاول تنزيل الرعاية الصحية إلى مقام السلعة واقحامها في حلبة المعاملات التجارية.

       إلى أنه و إرضاء للرأي العام يتم اقصاء هذه الأكوان إلى الخلفية لتتجلى العلاقة بين الطبيب والمريض في اطارها المقدس الإنساني البعيد عن الطابع المالي النقدي، وهي العلاقة التي تشكل نواة و أساس عالم الرعاية الصحية، حيث تشكل حدا هيكليا لتوسع طابع السوق المالي على حسابها و نطاقها، خاصة و أننا نعلم أن قطاع الصحة تحكمه مجموعة من القواعد أعظمها أخلاقية مهنية تضمن السير الحسن واللائق وخاصة الإنساني لهذا القطاع بعيدا عن المضاربة وتحقيق الربح .

       تسعى الأنظمة الحاكمة و عكسا  للقاعدة العامة إلى تنشئة المستهلك المريض باعتباره الحلقة الضعيفة في سلسلة  قطاع الرعاية الصحية، من خلال السماح له  بالمشاركة في القرارات التي تطوله وتطول حالته الصحية، وهذا من أجل الاستفادة من الطلب التوافقي على المزيد من الديمقراطية الصحية، والعمل على مشاركة فعالة  ومتبصرة من المريض فيتاح له السوق ويتحول مباشرة من مريض بسيط جاهل إلى مستهلك متبصر فعال مالك للقرار، فيقتحم المريض المستهلك أثناء ارتفاقه بمجال الخدمات الصحية العالم المادي التجاري، الذي تحكمه قواعد اخرى.....، لا تشبه القواعد الطبية المهنية و الأخلاقية، الإنسانية، و هي قواعد العرض والطلب، قواعد الجودة، قواعد الربحية و المضاربة..... إلى آخره من القواعد البعيدة كل البعد عن عالم الصحة السابق.

       نشأت اثر هذا التحول مسألة بالغة الأهمية وهي ضرورة حماية المرضى وضمان حقوقهم من خلال الموازنة بين المتطلبات العلمية المعاصرة في مجال الرعاية الصحية المتاحة وبين حتمية توفير الحد الأدنى من الاحترام الواجب للمريض والحفاظ على كرامته وحقوقه وضماناته الشرعية ولا يستطيع ضمان تحقيق هذه الموازنة إلا بصياغة قوانين خاصة تكفل تنظيم العلاقة بين المرضى والخدمات الصحية ومقدميها.

      نشأت من هنا المحاذير وكان بيت القصيد هو ضرورة الاهتمام بوضع ضوابط قانونية و أخلاقية تحكم و تضبط هذه العلاقة بين المريض و حاجته الماسة للخدمات الصحية .
الأمر الذي يثير تساؤلا جوهريا يتعلق بمدى فعالية و كفاية قانون الصحة الجزائري الجديد في توفير الحماية الكافية و الشاملة الضامنة لتمتع الشخص المرتفق بكافة حقوقه امام الخدمات الصحية ؟؟؟؟

 كما ينبثق عن هذا الإشكالية جملة من الأسئلة الفرعية وهي كالآتي:

1.    ما هي التسمية الأكثر ملائمة لكل شخص يستخدم أو يستفيد من الرعاية الصحية.

2.    ما هي الخدمات الصحية وما المقصود بها.

3.    ما هي خصائصها وانواعها.

4.    ما هي الحماية الوقائية لمستهلك الخدمات الصحية وما مدى قوتها في التشريعات الوطنية.

5.    ما هي الحماية العلاجية لمستهلك الخدمات الصحية ومواقعها في التشريعات الوطنية.

6.    ما هي جملة  الحقوق التي يسعى المريض المستهلك إلى التمتع بها وهو يستفيد من الخدمات الصحية بالأحرى.

7.     ما هي مظاهر حماية المستهلك في مجال الخدمات الصحية.

أهداف الدراسة:

 هدفت هذه الدراسة إلى بلوغ جملة من الأهداف الرئيسية التالية :

1.    التعرف على جملة الأسماء المتداولة فيما يتعلق بمستخدم الخدمات الصحية وما هي أصحها.

2.    التعرف على المقصود من الخدمات الصحية وعلى ماذا تنطوي.

3.     التعرف على كل الأليات الكفيلة بتوفير الحماية السابقة واللاحقة لمستخدم الخدمات الصحية.

4.     التعرف على كل الحقوق الأساسية والثانوية لمستخدم الرعاية الصحية.

        للخدمات الصحية أهمية البالغة في المجتمعات بكل أنواعها المتطورة والمتخلفة الغنية والفقيرة مما يجعلها تحظى باهتمام جيد من مختلف البحوث عبر العالم وكون هذه الدراسة تستحوذ على تحليل للاطار القانوني المنظم لهذه العلاقة مستهلك وخدمات صحية فمن دواعي أهمية البحث استطلاع مفهوم الخدمات الصحية وتحديد أنواعها بما أنها تشكل النصف الأول لقطاع الرعاية الصحية كما تتحقق أهمية البحث من خلال الفهم العميق لحقوق المرضى أو مستخدمي مستهلكي الخدمات الصحية والتي من خلالها نضمن جودة الخدمات الصحية نفسها وهذا كله  للحصول على مقترحات علمية عملية من شانها الرفع من جودة الخدمة الصحية وايجاد أو اقتراح اطار تشريعي محكم يضمن ويكفل حقوق المرضى وهم في حالة  ضعف تلزمهم التعامل مع هذا القطاع في كل الأحوال.

        استخدمنا المنهج الوصفي التحليلي بالرجوع إلى مختلف الكتب والمراجع باللغة العربية والأجنبية والرسائل والأطروحات العلمية الجامعية والمقالات المشهورة وغيرها والنصوص التشريعية بمختلف أنواعها بغيت تحليل الواقع و اقتراح ما يحسنه .

خطة الدراسة:

ينقسم البحث إلى فصلين وهي كالتالي:

 الفصل الأول تم اختياره لعرض مفاهيم الدراسة والتي تمثلت في المستهلك للرعاية الصحية والخدمات الصحية والصحة عامة مما توجب علينا تقسيم الفصل إلى مبحثين تطرقنا في المبحث الأول إلى مفهوم الرعاية الصحية أو الخدمات الصحية، و تحديد أنواعها وخصائها، اما الفصل الثاني يتضمن عرضا مفصلا لكل حقوق مستخدمي الخدمات الصحية وحقه في الحصول على الرعاية الصحية في كل مكان و زمان، و حقه في صيانة  كرامته حيا كان أو ميتا ، و حقه في العلاج واخيرا حقه في الإعلام .